فُجع معشر النشطاء يوم أمس السبت 14 يونيو 2025 بإعلان وزارة الداخلية عن إعدام الصحفي والكاتب السعودي تركي الجاسر بتهم ملفقة لا أساس لها من الصحة! كلنا نعلم والسلطات السعودية تعلم ان تركي الجاسر ليس خائناً ولا إرهابياً، تركي الجاسر والذي أسأل الله أن يتقبله شهيداً كان كاتباً في صحيفة التقرير قبل أن تُغلق، وله مدونة ينشر بها مقالاته.
يوم أمس كان يوماً حزيناً وفاجعة حلت علينا، ولجت حسابي على تويتر فإذا ببيان وزارة الداخلية يظهر إعدام مواطن، ادقق بالاسم قلت ربما تشابه أسماء! فإذا بالتأكيد الذي كنت أخشى أن يكون هنا قد تأكد، بالكاد أمسكت بهاتفي بيداي التي كانتا ترتجفان، ودموعي التي انهمرت ولم أستطيع ايقافها إلا بالقوة،
تركي الجاسر تم اعتقاله تعسفياً في مارس 2018 بواسطة قوات أمنية داهمت منزله وصادرت ممتلكاته في الرياض وأودع في سجن الحائر، وتعرض للإخفاء القسري والمنع من أحقية توكيل محامي، والمنع من أحقية الزيارة والتواصل مع الأسرة.
عندما أطلقت السلطات السعودية سراح العديد من معتقلي الرأي، بسبب التكلفة الباهظة لحجم ملف معتقلي الرأي المتضخم ومحاولة منها لتحسين صورتها في الخارج، بعيداً عن الرغبة في الإصلاح الحقيقي، ونتيجة لضغوط المنظمات الحقوقية في الخارج وتسليط الضوء بشكل مركز ومكثف على الاعتقالات التعسفية بالسعودية، هذا جعلني امسك بخيط من خيوط الأمل بالإفراج عن الجاسر يوماً ما، فإذا بالسلطات السعودية و في خضم الأحداث التي تشهدها المنطقة من عدوان إسرائيلي على إيران، والإبادة الممنهجة على غزة، باغتتنا بإعدام تركي الجاسر! لماذا؟ لأنه كاتب رأي وصحفي عبّر عن رأيه بطريقة سلمية لم تروق للحاكم الجائر، فلفق له تهماً من شأنها أن تؤدي بالضرورة إلى الاعدام بحجة الخيانة العظمى! تلك التهم المعلبة تلعب على وتر العاطفة عند أتباع الحاكم الذين يسهل التلاعب بهم، حتى باتوا يرحبون بهذه الأحكام الجائرة ويدافعون عنها أكثر من الحاكم نفسه، وكأنهم علموا بقيناً أين تكمن الحقيقية! بلا شفافية ولا محاكمات عادلة، فقط لأنهم سلموا عقولهم لحاكمهم وهكذا هي عقلية القطيع.
السلطات السعودية تقتل الصحفيين، لأنها سبق وأن اغتالت الصحفي البارز جمال خاشقجي -رحمه الله- وإن لم يكن في سجونها بل في سفارتها في إسطنبول حيث استدرجته، وكذلك الصحفي صالح الشيحي الذي تم اعتقاله في 2018 وهو كاتب عمود شهير، حكمت عليه المحكمة الجزائية المتخصصة وحكمت عليه بالسجن خمس سنوات، ولكن بحسب منظمة القسط لحقوق الإنسان " وفي 19 مايو 2019 وبعد انقضاء سنتين ونصف من محكوميته، أفرج عن الشيحي فجأة، وكلٌّ من شروط الإفراج وظروفه مجهولة، بما في ذلك ما إذا كان الإفراج مؤقتًا أم نهائيًّا، وفي يونيو 2020 نُقِل الشيحي إلى العناية المركزة في إحدى المستشفيات وتوفي في يوم 19 يوليو، وقد أشارت السلطات السعودية إلى أنه توفي نتيجة إصابته بكوفيد-19، لكن ظروف وفاته، مثل ظروف الإفراج عنه، ما يزال يشوبها الغموض". فهنا لا يمكننا تبرئة السلطات السعودية.
السلطات السعودية تمادت في الطغيان فصارت تتلاعب بأرواح النشطاء وغيرهم حيث سجلت 148حالة إعدام في 2025بشكل غير مسبوق!
السلطات السعودية تعرف انها تكذب، ولن يصدقها إلا السذج وتعلم أنها لا تطيق من يكشف حقيقة قمعها ومن يعبر عن رأيه بتغريدة او يكتب مقالاً ناقداً لها، ومثلما قال عبدالله الحامد -رحمه الله- " الكلمة أقوى من الرصاصة" فالجهاد السلمي وكلمة الحق أمام حاكم جائر اعظم من الجهاد المسلح، المستبد لا يطيق كلمة الحق.
الحاكم لن يكون بخير او في منأى عن العقاب و رد الدَين حين يعدم النشطاء بسبب رأي، فالظلم عاقبته وخيمة وسينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة.
اما تركي الجاسر فحسبه أن يكون شهيداً فمن شاء أن يصدق رواية السلطات ويرددها كالببغاء ويكتفي بتسليم عقله للمستبد فليتفضل، ولكن عليه أن لا ينسى أنه ربما يكون هو التالي لأتفه الأسباب.
وكل نظام يحمل في داخله بذور فنائه كما قال " كارل ماركس" .