كانت سنة 2017 سنة مفصلية في تاريخ المملكة العربية السعودية عموما، ولكنها مفصلية لمحمد بن سلمان خصوصًا، حيث بريق صورته كمصلح ما يزال يشعّ لدى المجتمع الدولي بعد ضخّه ملايين الدولارات لشركات الدعاية والعلاقات العامة كونه مصلحًا شابًا سيقوم بنقلة نوعية للملكة، تزامنت تلك السنة مع حدث آخر لا يقل أهمية، وهي زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب للرياض في أولى زيارته الخارجية، زيارة كلّفت السعودية حوالي 400 مليار دولار بسبب صفقة أسلحة تعدّ الأكبر في التاريخ، خلال ما يسمى بقمة الرياض سنة 2017 ،وهي سلسلة من ثلاثة مؤتمرات عُقدت بين 20 و 21 مايو 2017 وقّع الرئيس الأمريكي دونالد مع الجانب السعودي عديد الصفقات، ورغم حجم الصفقات الهائل والود الذي أبرزه الجانب السعودي لنظيره الأمريكي إلا أن السعودية لم تحقق النتائج المرجوّة بحسب التسريبات الحصرية التي تحصلت عليها صحيفة صوت الناس.
فحسب التسريبات التي عاينا الجزء الأهم منها، فشل الوفد السعودي في الحصول على أي امتيازات أو حتى جزء من المطالب التي رفعوها للوفد الأمريكي، فخلال اجتماعات عقدة في واشنطن بين 7 و 11 مايو 2018 والتي امتدت طيلة ثلاث أيام لمناقشة جملة من المطالب والامتيازات التي رفعها الوفد السعودي، وخاصة خلال الاجتماع الختامي يوم 11 مايو والذي كان الأهمّ، بين وفد ترأسه وكيل وزارة التجارة و الاستثمار للتجارة الخارجية، عبدالرحمن بن أحمد الحربي مع وفد امريكي ترأسه دانيال مولاني مساعد الممثل التجاري الأمريكي لشؤون أوروبا و الشرق الأوسط. وقد تمحورت المطالب بين اعفاء المملكة من قرار فرض الرسوم الجمركية إلى الحصول على بعض الامتيازات، حيث طلبت السعودية من الحكومة الأمريكية باستثناء المملكة من قرار فرض الرسوم الجمركية على المنتجات المستورد من الحديد والالومنيوم، ورغم حجم المبادلات التجارية بين السعودية والولايات المتحدة، والمبالغ الطائلة التي تضخها المملكة لدى السعودية في شكل استثمارات تخلق وظائف وتخفض من نسب البطالة لدى فئات واسعة، إلا أن الرد الأمريكي كان مقتضبا بأن الطلب سيدرس، حيث لم يتم اسناد أي معاملة استثنائية للجانب السعودي أو إقرار استثناءات لهم، وبحسب نفس التسريبات المذكورة، فقد قام الوفد السعودي بتخفيض سقف التطلعات باقتراحهم منح صادرات المملكة استثناء مؤقت حتى تنتهي دراسة الطلب الأول لكن الوفد الأمريكي وعد بدراسة الطلب.
ويواصل التسريب الحديث عن عدد من التفاصيل التي تؤكد امتعاض السعودية من ما تضمنه تقرير عوائق التجارة الخارجية الأمريكية حول العوائق التجارية في المملكة إذا طالب الجانب السعودي بفرصة مراجعة التقرير وإبداء المرئيات فيه قبل نشره مستقبلا و وافق الجانب الأمريكي على ذلك. ورغم أن سنة 2018، أي السنة التي شهدت سلسلة اللقاءات هذه كانت أكثر سنة تم تتويج فيها حجم التعاون بين السعودية والولايات المتحدة، حيث كانت الحصة الأسد لصالح الولايات المتحدة بتحقيق فائض استثنائي، كان الجانب السعودي يخفض من سقف المطالب والتطلعات، فبعد أن كانت المطالب تتمحور حول استثناءات وإعفاءات تنالها السعودية، أصبحت المطالب تتمحور حول اعادة النظر والمراجعة، إذ طالب الجانب السعودي بإعادة النظر في الحزم و المحفزات و الضرائب الإضافية التي تفرضها الحكومة الامريكية على التسهيلات و الاستثمارات لمشاريع الشركات السعودية التي لها فروع في الولايات المتحدة مثل سابك و شركة معادن خصوصا وأن عدد من هذه المشاريع حجمها كبير وتملك ثقل مالي هام، حيث ينعكس ذلك من خلال أثرها الإيجابي على الاقتصاد الأمريكي ويشمل خلق وظائف للمواطنين الأمريكيين، ليكون الموقف الأمريكي بوعد للنظر في الطلب [ وهو ما لم يحصل بعد حسب علمنا، إذ لم يعاد النظر في الموضوع]