موجة غضب واسعة أثارتها زيارة وزير سياحة الكيان الإسرائيلي حاييم كاتس، إلى الرياض، والتي تعد أول زيارة رسمية علنية لوزير إسرائيلي إلى المملكة السعودية، والكشف عن زيارة مرتقبة لوزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كارعي، وتزامن ذلك مع وصول السفير السعودي نايف بن بندر السيديري، إلى رام الله واعتماد أوراقه سفيرا فوق العادة لدى دولة فلسطين.
جاءت زيارة كاتس إلى المملكة في أعقاب كشفت قادة الرياض وتل أبيب، أن الجهود المبذولة لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين تجري بشكل إيجابي، إذ اعتراف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أن بلاده تقترب أكثر من التطبيع، فيما قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إن "من المرجح" أن تتوصل "إسرائيل" إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية.
وقال وزير السياحة لدى حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في مقابلة من الرياض مع "القناة 12" الإسرائيلية إنّه دخل إلى السعودية من "البوابة الرئيسية"، مشيراً إلى أنّ المملكة استقبلته "استقبالاً حاراً"؛ ومن المقرر أن يترأس كاتس الوفد الإسرائيلي إلى مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للسياحة المنعقد في الرياض، في يومي 27 و28 سبتمبر/ أيلول 2023.
وأعرب ناشطون سعوديون وفلسطينيون عن رفضهم القاطع لإقامة علاقات دبلوماسية بين المملكة والكيان المحتل، مستنكرين فتح الأرض السعودية لقادة الاحتلال لتدنيسها، وعدوا ما يحدث خنوع وضعف وخذلان للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية برمتها، وشراكة رسمية مع "إسرائيل" في جرائمها بحق المسلمين ومقدساتهم.
وقبل أيام، ذّكر حزب التجمع الوطني السعودي على لسان المتحدثة الرسمية باسمه الدكتورة مضاوي الرشيد، بموقفه الرافض للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، كونه لا يأخذ بعين الاعتبار الحقوق الأزلية للشعب الفلسطيني، مستنكرة محاولات بن سلمان خلف الكواليس بأن يكون محورا يكسب على حساب القضية الفلسطينية مكاسب في واشنطن.
وقالت في كلمتها أثناء احتفالية الحزب بالذكرى الثالثة لتأسيسه في 23 سبتمبر/أيلول، إن بن سلمان يعلم علم اليقين أن الرئيس الأميركي جو بايدن، يهمه إنهاء فترة الرئاسة الأميركية بخبر يدغدغ مشاعر الناخبين في أميركا، موضحة أن من هذه الأخبار مصالحة "إسرائيل" مع دولة بحجم وثقل السعودية، كما فعل رؤساء أميركيين سابقين أمثال بيل كلينتون وجيمي كارتر.
وأضافت الرشيد: "لذلك فإن بايدن يطمح إلى ذلك، وبن سلمان حتى هذه اللحظة يرفض أن يكون التطبيع علنيا، ويكسب على خلفية بعض المكاسب، ويضع لبايدن شروط ربما تعجيزية"، مرجعة ذلك إلى أن بن سلمان يريد من بايدن نوع من التغطية والحماية الأميركية التي تشبه التحالف الأطلس "النيتو" لحماية الدول الأعضاء.
وبدوره، استنكر الأمين العام لحزب التجمع الدكتور عبدالله العودة، وصول أول وزير من دولة الفصل العنصري والاحتلال إلى أرض السعودية تحت رعاية محمد بن سلمان ولأول مرة بشكل رسمي، مؤكدا أن التاريخ سيشهد لحظة الخيانة التاريخية، وأن أول من مارس التطبيع هو هذا النظام الغاشم الذي باع الأرض والعرض لأجل صفقة رخيصة حماية لعرشه على حساب الشعب، وذكر في تغريدة أخرى" أربع وسوم (هاشتاقات) في الترند في السعودية يرفض فيها الشعب السعودي التطبيع جملة وتفصيلاً رفض غير مسبوق..والذباب يحاول اسقاطات الهاشتاقات لأجل خدمة نظام الفصل العنصري والاحتلال"
وعلق عضو الحزب ناصر العربي، على زيارة وزير السياحة الإسرائيلي للسعودية، بالقول: "محتل يزور قاتل وطاغية"، مضيفا: "ليعلم الشاهد الغائب. أن محمد بن سلمان الخائن والمجرم، قد شرع رسمياً في التطبيع مع القتلة المحتلين، وأن هذا التطبيع هو جريمة وغير مقبول، وأن الصهاينة المجرمين غير مقبول بهم في وطننا".
وأشاد في تغريدة أخرى، باللعب على المكشوف، ورأى خطوة استضافة وزير السياحة الإسرائيلي في السعودية من أهم ما قام به مبس "بن سلمان"، حتى يعلم الجميع أنه ليس مجرد قاتل للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر 2018، وليس وراء هدد جدة فقط، بل يقود عملية التطبيع التي هي "خيانة".
وأكد الباحث في الشأن الإسرائيلي وتقاطعاته العربية والإسلامية والعالمية الدكتور صالح النعامي، أن التطبيع السعودي الإسرائيلي تم وعلى نطاق واسع، لافتا إلى أن وزير السياحة الإسرائيلي الليكودي توجه إلى الرياض للمشاركة في مؤتمر دولي، ومن المقرر أن يتوجه ووزير الاتصالات الليكودي شلومو كرعي، للسعودية الأسبوع القادم لعقد صفقات في مجال الاتصالات.
وذكر بأن كرعي من عتاة اليمين الديني داخل الليكود، متسائلا: في زمن التطبيع والمطبعين هل تعلموا أن أغنية "محمد مات" هي أوسع ترند في أوساط جمهور اليمين الإسرائيلي، الذي يعد القاعدة الانتخابية لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأوضح أن عنوان الأغنية هو أكثر كلماتها اعتدالا، حيث تحتوي على إساءات موغلة في حقارتها لنبي الإسلام.
واستنكر الناشط الإنساني الفلسطيني أدهم أبو سلمية، استقبال أقذر خلق الله، من طردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بلاد الحرمين اليوم بالترحاب كما يقول وزير السياحة الصهيونية، قائلا: "مؤسف ومحزن هذا السقوط في قاع التطبيع، لكنه متوقع من أنظمة تعتقد أن استقرار أنظمتها ونمو اقتصادها يمر عبر بوابة الرضا الصهيوني".
وتحت عنوان "وزير من الغزاة يدنّس بلاد الحرمين"، أوضح الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة، أن العنوان الحقيقي لزيارة وزير السياحة الإسرائيلي إلى السعودية هو "تسارع وتيرة التطبيع"، مؤكدا أنه العار دون أرباح ذات قيمة تُذكر، ودعا المطبعين ليسألوا من سبقوهم في المضمار.
وذكر بأن قبل عقدين وقفت مصر والسعودية وسوريا ضد تسارع التطبيع مع كيان العدو بعد أوسلو، وذلك إثر قمّة في الإسكندرية، ولم يكن ذلك غير تعبير عن إدراك لحقيقة الأحلام الصهيونية في الهيمنة على المنطقة؛ بجانب تصفية القضية الفلسطينية، قائلا: "اليوم، لم يعد الأمر في حاجة إلى تحليل، فنتنياهو يصرخ كل يوم بحقيقة أحلامه".
وتساءل الزعاترة: "أيّ بوس يعيشه الوضع العربي الرسمي في أهمّ محاوره؟!"، مضيفا: "وسط هذا القهر، نعيد التذكير بأن مصير الهرولة الجديدة لن يختلف عن سابقتها، فلا قضية فلسطين ستُدفن، ولا الهيمنة ستنجح، لأن الدّم الفلسطيني سيعيد ترتيب أوراق المنطقة من جديد، كما فعل من خلال انتفاضة الأقصى، رغم الفارق المحوري ممثلا في وجود قيادة بائسة وعاجزة في رام الله".
وأكد رئيس لجنة الحريات والدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الشيخ كمال الخطيب، أن زيارة السفير السعودي في الأردن وفلسطين إلى رام الله ليست انعطافه في العلاقة مع الفلسطينيين، وإنما هي لتبرير الانعطاف المريب مع الإسرائيليين، قائلا للمطبّعين السعوديين محمد بن سلمان وحاشيته، وللمتعاونين الفلسطينيين أبو مازن وبطانته: "القدس وفلسطين مش للبيع ولا للتأجير، القدس وفلسطين مش تيران ولا صنافير، نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا".
وقال السياسي الفلسطيني الدكتور غازي حسين، إن زيارة السفير السعودي لرام الله هدفها الحصول على تغطية السلطة لتمرير التطبيع السعودي الذي إتفق عليه بايدن ونتنياهو، وإقامة دويلة الحكم الذاتي في9% وتصفية القضية وإنهاء الصراع وهيمنة إسرائيل على الشرق الأوسط الجديد والكبير، والصهيونية على العالم من القدس تحقيقاَ لبروتوكولات حكماء صهيون.
وعد الكاتب والباحث أحمد سليمان العُمري، تسليم السفير السعودي نسخة من أوراق اعتماده كسفير لدى فلسطين وقنصلا عاما للسعودية في القدس، استخفاف بالعقول أو التفاف غير مسؤول، قائلا إن فتح قنصلية في القدس؛ لا تُسيطر عليها السلطة محاولة بائسة لذرّ الرّماد بعيون الفلسطينيين، لنيّة السعودية إبرام اتفاقية تطبيع قريبة مع الاحتلال، ما يحتمل فتح سفارة لها في القدس.