يواجه 27 ألف مقيم في منطقة جازان بالمملكة العربية السعودية أغلبهم مواليد المملكة وثلاث أرباع أَقاربهم سعوديّين ويحملون مؤهّلات، وأكثرهم ليس لهم أقارب أو أراضي في اليمن، خطر الإبعاد إلى اليمن تنفيذا لعقوبة أقرتها وزارة الداخلية السعودية وبدأت على إثرها حملة إيقاف الخدمات عنهم.
تعود الأزمة التي يعاني منها آلاف المقيمون بجازان، إلى عام 1437 حين ناشدوا الملك وولي عهده النظر في أمرهم بعين العطف والرحمة، ورفع أمير منطقة جازان برقية لوزارة الداخلية يطلب فيها تصحيح وضع فئة معيّنة من أُصحاب المعاملات القديمة والّذين لا يملكون هويّة سعوديّة أو أجنبية.
وأتى الرّدُ من الداخلية أنه لا مانع من حصرهم وتصحيح أوضاعهم، وبدأت لجنة الحصر أعمالها؛ واستدعت المشايخ وطلبت منهم تسليم كشوفاتٍ بأُسماءِ من ينتمون لهم، فسجلوا كل أَفراد القبيلة من مقيمين ولديهم معاملات، واستخرجوا الإقامة للمعيشة، وكذلك المقيمين الذين ليس لديهم معاملات.
كما سجلوا أصحاب هويّة زائر بالعربي، وأضافوا كل من يحمل لقب القبيلة، ولم تمنع حينها لجنة الحصر التابعة للإمارة هذا الأمر وتغاضت عنه مع علِمها أَنّهُم ليسوا المقصودين بتصحيح الوضع، وبعض القبائل أدخلوا عائلاتهم تهريب من اليمن أثَناء الحرب كي يضمن الُّتسجيل في الحصر، وللأسف أغلبهم حصل على أرقام هويّة ويتنقلون بها في كلّ مكان.
وتمَّ التبصيم عام 37 ؛ وعام 40، وعام 42 وبعدها رفعت الكشوفات للدّاخلية؛ فتفاجئت بهذا العدد الكبير غير المتوقّع، ونزلت لجنة حققت في الأمر، فأقنعتها لجنة جازان أَنَّ المقيمين هم من تلاعبوا وزوّروا أوراق غير صحيحة، ورفعت مرئيّات من لجنة جازان للدّاخلية.
ورأت الدَاخليّة أن المقيمين الذين دخلوا في الحصر كلهم يجب أن يعاقبوا تحت بند التلاعب والتّزوير، وتم حصرهم وعددهم 27 ألف تقريبا، وجاء القرار والعقوبة بإبعادهم إلى اليمن من الدّاخليّة وبدأت حملة إيقاف الخدمات عنهم، والآن يتم القبض عليهم في كلّ مكان ويعيشون في رعبٍ حقيقيٌ في بلدهم الذي هو قطعة منهم، يعيشون الظُلمَ والذل وكل ذلك بسبب أمنيّة تمنّوها هو أن يفوزوا بحلم حمل جنسيّة البلد الذي ولدوا فيه ومات آبائهم وأجدادهم على ثراه ومستعدٌون لتقديم الغالي والنفيس لهذا الوطن العظيم.
وتعقيبا على معاناة المقيمين في جازان، قال العضو المؤسس لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري، إن السلطات السعودية تواجه دائما إشكالية في التعامل مع فئات البدون أو عديمي الجنسية بمختلف تصنيفاتهم، لأنها تحاول حل الموضوع بطريقة أشبه ما تكون للقبلية وغير المنظمة التي لا تصلح لنظام الدولة الحديثة.
ودعا في حديثه مع صوت الناس، السلطات لإغلاق هذا الملف بطريقة نظامية وقانونية وفق القانون الدولي، وتجنيس الأشخاص الذين أقاموا على تراب المملكة لفترات طويلة وغير حاملين لهويات بلد أخرى، ولم يرتكبوا جنح أو إشكالات، مؤكدا أن هؤلاء يمكن أن يخدموا البلد ويساعدوها ويقيمون حياتهم الشخصية بدلا أن يكونوا مجهولين ويعانون في كل تفاصيل حياتهم.
وحث عسيري، السلطات السعودية على توقيع اتفاقية اللاجئين الخاصة بالأمم المتحدة 1951 التي بموجبها يجب أن توفر للاجئين الحياة الكريمة، وأقل الحقوق الأساسية فيها هي "السكن وأوراق التنقل والمعيشة"، وبذلك لا يجوز للسلطات أن ترحل أي شخص خارج البلاد إذا كان ترحيله قد يعرضه للخطر، سواء خطر الاعتقال أو القتل.
وأكد أن ترحيل المقيمين إلى اليمن الآن في غاية الخطورة لأن الوضع هناك غير آمن، داعيا السلطات السعودية لعدم الإقدام على ذلك الفعل، ومنح المستحقين منهم للجنسية السعودية لأنه لا يجب أن يكون أحدا بلا جنسية في العالم كله لأن وجود عديمي الجنسية في أي بلد دليل على تخلفه القانوني والحقوقي.
وقال عضو حزب التجمع الوطني إن هذه الاستحقاقات غير متعلقة بعديمي الجنسية فقط، وإنما يشمل السوريين والفلسطينيين المقيمين في السعودية الذين يعانون لتجديد إقامتهم والبحث عن كفيل ويبقوا بصفة المهاجر وليس بصفة اللاجئ.