تقارير

أداة تبييض.. التقارير الحقوقية تكذب رئيسة هيئة حقوق الإنسان السعودية

تاريخ النشر:2024-01-24

جملة من الأكاذيب ساقتها رئيس هيئة حقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال استعراضها ما وصف بـ"مسيرة الإنجازات التي شهدتها المملكة" وذلك خلال المدة من نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وحتى أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
التويجري ادعت في بيانها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسة الحوار التفاعلي ضمن الجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل (UPR) للمجلس بجنيف، أن المملكة عازمة على المضي قدماً نحو بلوغ أفضل المستويات العالمية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في إطار رؤيتها 2030.
وزعمت أن المملكة تنظر بأهمية بالغة إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل من خلال التعامل بجدية مع هذه الآلية ابتداءً من تقديم تقاريرها الوطنية، وإيجاد آليات وطنية فاعلة لمتابعة تنفيذ التوصيات، وإشراك أصحاب المصلحة، والمشاركة بوفود تضم ممثلين على مستوى عالٍ من مختلف الجهات المعنية.
وأوهمت التويجري، بأن المملكة تعمل على تأييد وتنفيذ معظم التوصيات التي قدمت للمملكة خلال جولات الاستعراض الـ3 السابقة، مدعية أن نسبة التنفيذ بلغت 85% من إجمالي عدد التوصيات التي قدمت خلال تلك الجولات والبالغة (450) توصية، وأن المملكة حققت خلال المدة التي يغطيها التقرير إصلاحات وتطورات تاريخية ونوعية في مختلف مجالات حقوق الإنسان.

انتهاكات حقوقية 
المفارقة أن الفترة التي زعمت رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية أنها عامرة بتحقيق انجازات حقوقية، تبدأ بعد شهر من اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، والكشف عن تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في إصدار أوامر باغتياله.
ويتخلل الفترة التي أشارت إليها التويجري، وفاة المفكر والمعارض عبدالله الحامد "شيخ الحقوقيين"  نتيجة الإهمال الطبي في أبريل/نيسان 2020، ومواصلة السلطات السعودية شن حملات اعتقال واسعة شملت صحفيين وكتاب ومثقفين وناشطين، وفضح تعرض معتقلين لعمليات تعذيب ممنهج داخل محبسهم بينهم الداعية سليمان الدويش.
إلى جانب زيادة عمليات الإخفاء قسري والحرمان من العلاج، والتضييق على عوائل المعارضين المقيمين في المهجر وفرض حظر سفر عليهم بشكل غير قانوني، واعتقال بعضهم، فيما لايزال مئات الشباب والنساء والأطفال رهن الاعتقال التعسفي ويتعرضون للتعذيب ويصدر بحقهم أحكام قاسية، ويتم تمديدها وفق هوى السلطات بشكل غير قانوني.
كما تتضمن الفترة المشار إليها تنفيذ عدد كبير من الإعدامات فيما لا يزال آخرون يواجهون خطر الإعدام في أي لحظة، وبينهم قسر في استخفاف مروع بالحق في الحياة -بحسب توصيف؛ حيث أفاد تقرير للمنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن المملكة نفذت في عام 2023، 172 حكم إعدام، بزيادة قدرها 15% عن عام 2022.

أداة تبييض
وهيئة حقوق الإنسان السعودية أسست في 2005، وهدفها المعلن هو حماية وتعزيز حقوق الإنسان داخل المملكة، وعلى هذا النحو، فهي مكلفة بمعالجة الشكاوى والمشاركة في العمل التشريعي ومراقبة أماكن الاحتجاز، كما تدعي أنها كيان مستقل قادر على محاسبة الحكومة في حال ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان.
وتحت عنوان "هيئة حقوق الإنسان السعودية: أداة تبييض للمملكة"، أصدرت كل من منظمة القسط الحقوقية والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومنظمة منا، تقريراً في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، رصدوا به الأدلة الجوهرية على أن الهيئة تعمل كأداة لإخفاء سجل السعودية السيئ في مجال حقوق الإنسان والتغطية على الانتهاكات الجسيمة.
وأكدت المنظمات أن هيئة حقوق الإنسان السعودية لم تسع مطلقًا إلى الحصول على اعتماد من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الذي يشترط التزام المؤسسات الحقوقية بمعايير الاستقلال والحياد ضمن المعايير الدولية المنصوص عليها في مبادئ باريس، رغم تعهدات سابقة من السلطات بجعل الهيئة تسعى للحصول على تلك الاعتماد والامتثال الفعال لمبادئ باريس. 
وقالت إن استقلالية الهيئة مهددة بسبب تقديم تقاريرها حصرياً إلى الملك سلمان، وتعيين أعضائها مباشرةً من الملك، كما يتمتع جزء كبير من الأعضاء بعلاقات قريبة مع الحكومة، مشيرة إلى أن الهيئة لعبت الهيئة دوراً مركزياً في تقديم تصوير غير دقيق للوضع السحيق في السعودية، ولم تندد مطلقاً بالتقلص الكبير في الحيز المدني خلال السنوات الماضية.
ولفتت المنظمات الحقوقية إلى أن الهيئة لم تندد أيضا بالقمع ضد أي شكل من أشكال المعارضة العلنية منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان إلى السلطة، وممارسة الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي، مستنكرة إشادة الهيئة بالسلطات السعودية لنتائج محاكمة مقتل جمال خاشقجي، وصورتها كدليل على حياد النظام القضائي.

حريم البلاط
وبدوره، قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الدكتور عبدالله العودة، إن هيئة حقوق الإنسان لا تهدف الرقابة على حقوق الإنسان، وإنما تسعى لتبييض صفحة الحكومة في الجرائم التي تنتهك فيها حقوق الإنسان، مؤكدا أنها متورطة في التغطية على حالات التعذيب والتحرش الجنسي والصعق الكهربائي.
وأضاف في حديثه مع صوت الناس، أن هيئة حقوق الإنسان متورطة أيضا في إخفاء قصص البنات الآتي اشتكين إلى أعضاء وعضوات الهيئة في السابق، ولم تذكر رواياتهم في تقرير الهيئة ولم يشار إليها، مؤكدا أن رفض الهيئة التعاون في مجال حماية المرأة .يستهدف أيضا تبييض صورة السلطات 

وجزم العودة، بأن الغرض من وجود امرأة على رأس هيئة حقوق الإنسان يستهدف خلق ما يسمى "حريم البلاط" لابن سلمان ممن يخدمون رؤيته فقط، لأن المرأة في السعودية لا يمكن أن يكون لها رؤيتها، والشعب بأكمله ليس له حقوق وحريات لأنهم منتهكين، موضحا أن المملكة تمر في هذه المرحلة بأسوأ حالات انتهاك حقوق الإنسان.
وأشار إلى منع عشرات الآلاف من السفر لأسباب واهية، بالإضافة إلى قضية هدم البيوت والتهجير لأسباب غير قانونية، مما ألحق أضرار بملايين السعوديين نتيجة مشاريع الحكومة، وملفات البدون، والقضايا المتعلقة بالحقوق الدينية وحقوق الأقليات وحتى الأغلبية ممن تنتهك حقوقهم الدينية في ممارسة حرياتهم، والفشل في دعم القضايا العادلة دولياً.  

أكاذيب السلطة
قبل انعقاد الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل الخاص بالسعودية، قدمت منظمة القسط ومنظمات أخرى ثلاث إفادات إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان توثق تدهور حالة حقوق الإنسان في المملكة منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير لعام 2018، بخلاف ما ساقته رئيس هيئة حقوق الإنسان من ادعاءات وأكاذيب.
وتبرز التقارير أنه رغم قبول السعودية رسمياً العديد من التوصيات المقدَّمة من الدول الأعضاء بعد آخر استعراض دوري شامل لها، المعتمَدة في مارس 2019، فإن السلطات لم تنفّذ الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ، وبدلًا من ذلك واصلت حملتها القمعية القاسية على حقوق الإنسان والحريات.
وأكدت القسط أن الوضع الحقوقي في السعودية في تدهور مستمر منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير، من خلال تنفيذ مزيد من الاعتقالات وإصدار أحكام غير مسبوقة بالسجن المطول ضد مواطنين كانوا يمارسون بسلمية حقهم في حرية التعبير، واستمرار إساءة معاملة معتقلي الرأي، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق المقيمين، ولاسيما أبناء قبيلة الحويطات.
وأشارت إلى أن نظام الولاية القمعي لايزال قيد التطبيق، مقيدا حياة السعوديات، مع أن الحكومة قبلت رسمياً توصيات الاستعراض الدوري الشامل بإلغائه، مؤكدة أن السلطات السعودية لم تتعاون بطريقة مجدية مع آليات حقوق الإنسان الدولية ولم تصادق بعد على المعاهدات الدولية التي وافقت على المصادقة عليها في الدورة السابقة للاستعراض الدوري الشامل.

انتهاكات حقوقية
وفي تقريرها السنوي، سطلت منظمة هيومن رايتس ووتش، الضوءء على ارتكاب القوات السعودية أعمال قتل بحق المئات على الأقل من المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين على الحدود السعودية-اليمنية قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى اعتقال السلطات السعودية معارضين سلميين، ومثقفين، ونشطاء حقوقيين.
ولفتت إلى أن السلطات السعودية حكمت على أشخاص بالسَّجن لعقود أو الإعدام بسبب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الانتهاكات ما تزال متفشية في مراكز الاحتجاز، وتشمل التعذيب، وسوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي المطول، ومصادرة الأصول دون أي إجراءات قانونية واضحة. 
وأوضحت رايتس ووتش، أنه لم يكن هناك أي مساءلة للدور السعودي في جرائم حرب مفترضة في اليمن، مشيرة إلى القمع الواسع في ظل الحاكم الفعلي بن سلمان الذي يقوّض بشدة الإصلاحات القانونية المعلنة، وغسل السلطات سمعتها، الملطخة بسجل حقوقي مزرٍ، من خلال صرف مبالغ طائلة على المؤسسات، والشخصيات، والفعاليات في الرياضة والترفيه.  
وأكدت أن ما زال عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السعوديين يقضون عقوبات طويلة بالسَّجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية.
وأوضحت أن أول قانون مدوّن للأحوال الشخصية في السعودية، الذي صدر في "اليوم العالمي للمرأة" في 8 مارس/آذار 2022، حيّز التنفيذ في يونيو/حزيران 2022، لكنه يرسّخ رسميا ولاية الرجل على المرأة، ويتضمن أحكاما تسهّل العنف الأُسري والاعتداء الجنسي في الزواج.

تجاهل التوصيات
وفي المذكرة التي استعرضتها منظمة العفو الدولية أمام الأمم المتحدة، أعربت عن أسفها بأن السعودية لم تنفذ العديد من التوصيات التي أيّدتها في الاستعراض السابق، لسجلها في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، المتعلقة بموائمةْ نظامَي مكافحة الجرائم المعلوماتية وجرائم الإرهاب لديها مع المعايير الدولية، وضمان وحماية الحقوق في حرية التعبير.
وأكدت أن السعودية لم تلتزم بالتوصيات المتعلقة تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، والإفراج عن مدافعي حقوق الإنسان وجميع من سُجِنوا بسبب ممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، وضمان اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة وعقد محاكمات عادلة، وحماية العمال من إساءة المعاملة.